المراجعات الاقتصادية الكبرى.. الاختراع الاقتصادي الأخطر في القرن العشرين: الناتج المحلي الاجمالي

وائل جمال

2 يونيه 2014

أصوات مصرية

في قلب الأزمة الاقتصادية اليونانية، التي هددت حقا البلاد بالافلاس، حولت سلطات الإدعاء رئيس الجهاز الإحصائي الرسمي في البلاد آندرياس جيورجيو للمحاكمة في مطلع عام 2013 وتم فتح تحقيق برلماني. أما التهمة فكانت أنه عدل نسبة عجز الموازنة من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن أعلن أن حسابات الناتج المحلي الإجمالي لليونان كان مضخمة ومبالغ فيها بأكثر من قيمتها بالربع على الأقل. قال جيورجيو، الوافد من صندوق النقد، إن مهمته كانت فقط تطبيق المعايير الأوروبية في تقدير وضع الاقتصاد، واتهمته السلطات اليونانية بأنه قدم بيانات تقلل من وضع الاقتصاد وزادت من الضغوط التي يقوم بها صندوق النقد والمؤسسات المالية على البلاد مما عرض “المصلحة الوطنية للخطر”.

هذا مسئول كبير يحول للمحاكمة فقط بسبب تقدير الناتج المحلي الإجمالي وطريقة حسابه. لكن لاعجب.  ففي يناير 2000 أجرى مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي بحثا مسحيا لوزارة التجارة الأمريكية عن القرن العشرين، اعتبرت فيه الوزارة أن أهم إنجازاتها خلال مائة عام هو الناتج المحلي الإجمالي. بل إن المكتب اعتبر هذا المؤشر الإحصائي “أحد أعظم اختراعات القرن” عموما. ولهذه المبالغة ما يبررها.

لقد صار هذا المؤشر الإحصائي ذا أهمية بالغة في حياتنا اليومية. إن قرارا كتقليص دعم الطاقة أو إعادة النظر في أسعار الغذاء يتأسس على نمو الناتج المحلي الإجمالي وعلى نسب مشتقة منه كنسبة عجز الموازنة التي تصل إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر. كم مرة يتحدث عنه المسئولون في الحكومة على أنه المفتاح لتحسين أجورنا أو توفير الخدمات العامة من عدمها؟ كم مرة قرأنا مانشيتات تتحدث عن إنجاز أن معدل نمو الناتج المحي الإجمالي قد وصل لسبعة في المائة في عهد حكومة نظيف وكيف أن هذا يعني نجاحا اقتصاديا “ملموسا”. كم مرة يقال لنا إن وضعنا في مصر أسوأ من تركيا بسبب حجم الناتج المحلي الإجمالي أو أن البطالة تزيد لأن نموه لا يتسارع بالشكل الكافي؟ لقد أصبح مجرد التوقع فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي يؤثر على بل ويسيطر على جزء من النقاش السياسي ويحدده، وترتفع حظوظ الحكومات وتنخفض بمقدار ما يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.1% أو ينخفض. الناتج المحلي الإجمالي صار جزءً من حياتي وحياتك يتحكم في مصيري ومصيرك.

الناتج المحلي الإجمالي من تاريخه

“هو طريقة لحساب ومقارنة إلى أي درجة الأداء الاقتصادي لدولة ما حسن أم سيء”، تقول ديان كويل الاقتصادية البريطانية والمستشارة السابقة لوزارة الخزانة البريطانية في كتابها الصادر في يناير 2014 تحت عنوان “الناتج المحلي الإجمالي: تاريخ قصير لكن عاطفي” عن دار نشر جامعة برينستون الأمريكية. هذا المؤشر الخرافي، الذي يبدو أنه من حقائق العصر الثابتة يقيس كل ما يتم إنتاجه من سلع وخدمات نهائية في بلد ما خلال فترة زمنية محددة عادة ما تكون وحدتها الأصغر ثلاثة أشهر. ويمكن قياسه بثلاثة طرق يفترض أن تتساوى: ناتج الاقتصاد، أو الإنفاق في الاقتصاد، أو الدخول.

لكن كويل في كتابها القصير الممتع تنزع القداسة عن تلك الإحصائية التي يبدو وكأنها تتحكم في توجيه دفة ومسار حياتنا الآن. “ليس هناك شيء قابع هناك في العالم الحقيقي ينتظر أن يتم قياسه من قبل الاقتصاديين. هو فكرة مجردة، صارت معقدة جدا بعد حوالي نصف قرن من النقاش ومن وضع المعايير على مستوى دولي”. وتضيف كويل خلاصة كتابها الذي يستعرض تلك الإحصائية كظاهرة تاريخية: “لا يتعلق الأمر هنا بقياس ظاهرة طبيعية مثل مساحة أرض، أو درجة الحرارة بمستويات متفاوتة من الدقة”.

ترصد ديان كويل في كتابها العملية التاريخية المركبة التي راكمت جهود مئات الاقتصاديين علي مدى سنوات لتطوير الناتج المحلي الإجمالي بدءً من محاولات العالم والمسئول البريطاني ويليام بيتي في 1665، والذي قدم تقديرات للإنفاق وعدد السكان والأرض وأصول أخرى في انجلترا واسكتلندا. وتمر ديان كويل بالمحطات المختلفة منذ ذلك الحين لمحاولة قياس الآداء الاقتصادي (آدم سميث والتركيز على الإنتاج المادي الذي سيطر على حسابات القرن التاسع عشر للدخل القومي ثم الجيل الجديد من الكلاسيكيين الجدد الذين نبذوا التمييز بين الأنشطة الإنتاجية وغير الإنتاجية). 

لكن الناتج المحلي الإجمالي بتعريفاته ومدلولاته، كما نعرفه الآن، هو اختراع حديث وابن لتطورين مهمين في القرن العشرين: الأزمة الاقتصادية العالمية في الثلاثينيات، والحرب العالمية الثانية (1939-1945).

“لقد خلقت تجربة الكساد الكبير هذا الطلب على إحصائيات قد تساعد الحكومة لمعرفة كيف يمكنها إنهاء هذا التراجع الاقتصادي غير المسبوق”، يقول كتاب كويل. هكذا تسارعت المحاولات على جانبي الأطلنطي: في الولايات المتحدة عمل الاقتصادي الحاصل على نوبل سايمون كوزنيتس علي تلبية الاحتياج المتزايد لدى حكومة الرئيس فرانكلين روزفيلت لإيجاد صورة أوضح للاقتصاد الواقع في فخ يبدو وكأنه لا فرار منه. أخذ كوزنيتس على عاتقه تقديم تقدير متماسك للدخل القومي ليقدم تقريره الأول للكونجرس الأمريكي في 1934، والذي أظهر أن دخل أمريكا القومي قد انخفض للنصف بين 1929 و1932. (كان هذا التقرير الذي بلغ سعره 20 سنتا من ضمن الكتب الأكثر مبيعا في وقت الكساد). اعتمد روزفيلت في برنامج التعافي الاقتصادي على أرقام كوزنيتس. لكن كوزنيتس لم يكن يقيس الناتج بل كان يقيس “الرفاه”، ومن ثم كان يرى أنه من الضروري خصم كل الإنفاق على التسليح من الدخل القومي إلى جانب العديد من أوجه الإنفاق الأخرى كالاعلانات ونفقات الأنشطة المالية المتعلقة بالمضاربة. تقول كويل إن هذه الملامح تشير للانتقادات التي صارت توجه للناتج المحلي الإجمالي حاليا من حيث إنه لا يقيس الرفاه وهو ماكان فيه كوزنيتس سابقا لعصره.

لكن بمجرد بدء الاقتصاديين في تطوير مفهوم متكامل للناتج المحلي الإجمالي، جاءت الحرب، وصار للحكومة وجود في الاقتصاد أكبر مما كان عليه قبل ذلك. “وصار خصم الإنفاق العسكري  يعطي الإنطباع أن المجهود الحربي تضحية كبيرة في الإنفاق الاستهلاكي الخاص”، كما تقول كويل. وبناء على أطروحات الاقتصادي البريطاني البارز جون ماينارد كينز، الذي قدم وصفة تتدخل فيها الدولة بالانفاق لخلق طلب فعال ينهي الكساد، كلفت وزارة الخزانة البريطانية اقتصاديين شابين هما ريتشارد ستون وجيمس ميد لتطوير ما صار أول نموذج حديث لإحصائيات الدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي. وبعد انتهاء الحرب لخصت لجنة خاصة التوصيات المتعلقة بحساب الناتج المحلي الإجمالي في اجتماع بنيويورك في مايو 1946 بالنيابة عن الأمم المتحدة لتخلق بذرة النموذج الرياضي لتقدير حالة الاقتصاد، الذي يعيش معنا حتى الآن. ولم يتوقف التطوير والتغيير من ساعتها للآن لسد الثغرات المختلفة، مما يجعل من عملية حساب الناتج المحلي الإجمالي عملية معقدة للغاية، لكنها تظل عملية تقوم على نموذج رياضي له افتراضاته وأوجه قصوره.

تضرب ديان كويل نموذجا بما حدث في غانا عام 2010. حينها كانت غانا تعد دولة تنتمي للدول منخفضة الدخل، وبالتالي كانت تتلقى مساعدات دولية وتعامل تجاريا بصفتها كذلك. لكن بين 5 و6 نوفمبر 2010، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لغانا بحوالي 60% أي في يوم وليلة لتنتقل إلى مصاف الدول متوسطة الدخل. لم يتغير واقع الحال في غانا لكن النموذج الإحصائي وافتراضات حساب الناتج المحلي الإجمالي تغيرت. ويبدو أن نفس الشيء قد يحدث في نيجيريا أيضا وهو ما يتوقع أن ينقلها إلى حجم يوازي الاقتصاد الأكبر في القارة: جنوب أفريقيا.

ولا يمكن فصل الافتراضات ولا الطرق الحسابية وتفضيلات الإحصائيين عن السياسة. فمنذ اللحظة الأولى تقول كويل إن اختراع الناتج المحلي الإجمالي كان مرتبطا بالحرب ضمن اختراعات أخرى كثيرة. لكنها تضرب مثلا صارخا في الطريقة التي تؤثر بها تقديرات الناتج المحلي القائمة في النهاية على افتراضات بشر (برغم كل التطور في تقديم معايير عالمية له) بما حدث في بريطانيا في منتصف السبعينيات. كان العقد مأساويا على بريطانيا التي تضخم عجزها التجاري بدرجة صارت تؤثر على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الخارجية وعلى استيراد احتياجاتها. وتراجع الجنيه الاسترليني بقسوة. تقدم صندوق النقد ليقدم الحل لحكومة حزب العمال: قرض مقابل تقليص نسبة عجز الموازنة من الناتج المحلي بشكل ملموس. نفذت الحكومة الخطة وقلصت الإنفاق وفصلت عمالا وموظفين. وبعدها بثلاثة أعوام في 1979 تم انتخاب مارجريت تاتشر لتبدأ مسيرة السياسات الليبرالية الجديدة في بريطانيا وربما العالم. تقول كويل “لاحقا، تمت مراجعة أرقام الاقتراض والناتج المحلي الإجمالي ليظهر أن الأزمة لم تكن بهذا السوء، وعلق وزير الخزانة العمالي بعدها قائلا: لو كانت لدينا الأرقام الصحيحة لم نكن أبدا لجأنا لهذا القرض. ومن يعرف إذا ماكانت السيدة تاتشر ساعتها ستحوز النصر الانتخابي الذي حصلت عليه لو أن سابقها لم يجلب صندوق النقد”. 

وهكذا فإن إعلان هاني قدري وزير المالية في حكومة محلب (الموظف السابق في صندوق النقد الدولي) بمجرد توليه منصبه قبل أشهر عن ضرورة إعادة النظر في افتراضات حساب عجز الموازنة المصرية وكلامه عن أن الحساب الدقيق يرفعه لأكثر بكثير من وضعه حاليا يجب أن يعالج ليس كقضية فنية وتقنية فحسب بل هو قضية سياسية من الطراز الأول تجهز الأرض لأي نقاش في السياسة الاقتصادية وحدودها في الحاضر والمستقبل.

رحلة تراجع: مشاكل الناتج المحلي وبدائله

في أي كتاب مدرسي في الاقتصاد ستجد إشارة سريعة إلى بعض حدود الناتج المحلي الإجمالي: لا يقيس إلا ما له سعر في السوق وبالتالي يستبعد كل الأنشطة التي تتم بدون أجر كإنتاج فلاح لطعام أسرته. وهنا يضرب المثل التاريخي أنه لو تزوج رجل من المرأة التي تعمل لديه ويعطيها أجرا فصار لا يعطيها هذا الأجر على ما تؤديه من عمل تم خصم ذلك من الناتج المحلي الإجمالي. ليس هذا فقط بل ستجد أيضا أن الناتج المحلي الإجمالي يستبعد ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمي، وفي حالات كمصر هذا النوع من النشاط له أهمية كبيرة. صحيح أن بعض الدول صارت تضيف هذا القطاع كما فعلت إيطاليا في لحظة ما لكن تقديراته الدقيقة تخرج من إطار هذه الإحصائية التي تبدو محكمة. ضف إلى هذا التكلفة البيئية للنمو أو نضوب الموارد التي لا توضع في الحسبان في هذا التقييم لحالة الاقتصاد. ناهيك عن أن متوسطات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لا تعكس حقا نصيب الفرد إذ أنها مؤشر إحصائي يخفي التفاوتات الهائلة بين المواطنين في الدخل والثروة.

كل هذا معروف وقديم ومرصود ممن لا يتوقفون عنده كثيرا من التيار السائد في الاقتصاد والاقتصاديين الذين يقدمون الناتج المحلي الإجمال كحقيقة علمية ثابتة. لكن مرة أخرى كما كانت أزمة الثلاثينيات سببا في اختراع الناتج المحلي الإجمالي كانت أزمة 2007-2014 سببا في إعادة النظر فيه من جانب التيار المهيمن سياسيا وطبقيا واقتصاديا: لأنه لم يوفر للحكومات والبنوك المركزية دليلا كافيا لإيقاف الأزمة ومواجهتها بالسياسات الملائمة، تلك الأزمة التي تسببت في خسارة ناتج يصل لخمسة أضعاف الناتج المحلي في العالم كله “مما سيترك ندوبا في جيل بأكمله”، بحسب كويل.

“لقد طرحت الأزمة أسئلة مهمة عن التمويل والأنشطة المالية في البورصة وأسواق المال وكيف يتم حسابها في الدخل القومي، كاشفة الحجاب عن أنشطتها التي تتراوح بين الحماقة وبين الفساد والنصب، مما جعل هناك شك فيما إذا كان هذا القطاع يقدم مساهمة إيجابية أصلا في الناتج المحلي”. قارن ما تقوله كويل هنا بحجج المعارضين بكل صرامة لفرض ضريبة ولو محدودة كالتي طرحتها حكومة محلب على أنشطة البورصة المصرية وكأنها بمحدودية عدد الشركات المسجلة فيها وضعف نسبة قيمتها السوقية من الناتج المحلي هي الاقتصاد ونافذته الوحيدة أو الأساسية.

كتب جون جيرتنر في جريدة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 13 مارس 2010 تحت عنوان “صعود وسقوط الناتج المحلي الإجمالي” أنه “طبقا لما سمعته من الاقتصاديين بين إيطاليا وفرنسا وكندا فإن الناتج المحلي الإجمالي لم يفشل فقط في التقاط درجة رفاه المجتمع في القرن الحادي والعشرين بل قدم صورة محرفة للأهداف السياسية عالميا في اتجاه مطاردة محدودة الرؤية للنمو الاقتصادي”. ويقتبس جيرتنر عن أليكس ميكولاس الاقتصادي السابق بجامعة نورثرن بريتيش كولومبيا أن الاقتصاديين أفسدوا كل شيء. وبدأ جيرتنر العمل على مقياس للرفاه مواجه للناتج المحلي الإجمالي قائلا إن “العائق الأساسي وراء التطوير هو أن الوكالات والهيئات الإحصائية عبر العالم يديرها الاقتصاديون والإحصائيون، وهم أناس لا يستريحون مع الكائنات البشرية”. يخبرنا الناتج المحلي الإجمالي شيئا معقولا عن الاقتصاد لكنه لا يخبرنا شيئا تقريبا عن أشياء محددة في حياتنا ربما هي التي تهم أكثر، يضيف جيرتنر.

محاولة ميكولاس لم تكن الوحيدة. أولا ظهرت محاولات تنتقد الناتج المحلي الإجمالي ليس فقط من منظور حسابي وإنما أيضا فلسفي لأنه يساوي بين النمو وتقدم البشرية. وربما كانت أولى المحاولات في هذا الاتجاه هي مقياس التنمية البشرية الذي مر عليه أكثر من عشرين عاما الآن، والذي يضيف للناتج المحلي الإجمالي التعليم والصحة. وتستخدم الأمم المتحدة هذا المقياس الذي تجري عليه تطويرات مستمرة.

ثانيا، ظهر ما يسمى بمقاييس لوحة العدادات. وأبرز مثال علي هذا هو اللجنة التي شكلها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وسميت لجنة ستيجليتز -صن – فيتوسي (لجنة قياس الاداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي). واستنتجت اللجنة، التي تضع كل مقرراتها على موقعها على الانترنت أن الاقتراب الأفضل من محاولة جمع كل المؤشرات ذات المغزى في مؤشر واحد هو جمع ونشر إحصائيات نطاق من المؤشرات يمكنها معا أن تشكل صورة أشمل وبوصلة أفضل لتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي المنشود من مواطني الأرض. وبدأت بعض الدول بالفعل في تبني هذا الأسلوب كأستراليا.

وثالثا، بدأت أصوات متعددة تنادي بإعادة النظر في هدف النمو الاقتصادي كمدخل للنجاح والحياة الأفضل، فالناس أسعد في الدول الغنية لكن هؤلاء لا يزدادون سعادة بزيادة النمو فحسب. وأطلق هذا المنهج الفلسفي محاولات لقياس السعادة في المجتمعات.

ورغم أن ديان كويل في كتابها تظل تدافع عن قيمة الناتج المحلي الإجمالي ودوره على مدى العقود الماضية إلا أنها تعترف أنه “منتج يخص عالم القرن العشرين” وأنه ينبغي البحث عن بديل يستوعب تطورات القرن الحادي والعشرين وعلى رأسها الابتكار التكنولوجي والتزايد المستمر في دور قطاع الخدمات. لكن أهم ما يقدمه هذا الجدل العالمي المستعر هو أن هذا المؤشر هو منتج بشري ابن لتطور الرأسمالية ومصالح المسيطرين على شئونها وأنه لا يحوز أي سلطة فوق طبيعية كالتي تعطى له بل ربما ينحاز من يعدونه وتنحاز افتراضاتهم لمصالح القلة المسيطرة سياسيا واقتصاديا وماليا فيصبح سلاحا أيديولوجيا كاذبا. وهذا أمر هام لمن يرغبون في خوض معركة إعادة توزيع الثروة، معركة العدالة الاجتماعية، معركة الديمقراطية، وسيطرة المنتجين على شئونهم، معركة الحق في التقدم وفي السعادة.

1 Comments

  1. Wow. More than impressive. I honestly learned so much from this article. You’re always a real enlightment and you always open new windows in our heads. A heart felt thank you.

شكرا على تعليقاتكم